الوصيف .. بالأساسي والرديف!

خلال متابعتي لمباريات الأخضر في بطولة الخليج كنت مثل جد طاعن في السن يكرر على المحيطين به سؤالا واحدا لا يتغير كلما دخل أحدهم للسلام عليه: (من هذا؟)، نعم لقد أزعجت أصدقائي الذين يتابعون معي المباريات بالسؤال المكرر الممل: (من هذا؟) فيجيبون على سبيل المثال: (مهند عسيري)، فأسألهم: (وين يلعب؟) فيجيبون: (في الوحدة)، فأسأل مرة ثالثة: (من متى؟)! فيقولون: (يا أخي خلنا نتابع المباراة)!. لذلك أقول إن المركز الثاني يعتبر إنجازا طيبا بالنسبة لهذا المنتخب العجيب الذي شكله مدربنا الهمام، والذي لم يعتمد فيه على الأسماء الشابة فنقول إن الرجل يريد أن يستثمرها في المستقبل، كما أنه لم يعتمد على التشكيلة الاحتياطية فنقول إنه يريد تجربتها قبل اختيارها للمشاركة في كأس آسيا، صنع السيد بيسيرو خلطة عجيبة من مجموعة متناقضة من اللاعبين الذين اجتهدوا بقدر استطاعتهم وخدمتهم الظروف في أكثر من مناسبة، خصوصا حين صعدوا إلى دور الأربعة بفضل خطأ اللاعب القطري الذي تحول فجأة إلى رأس حربة في منتخبنا فسدد الكرة في مرمى فريقه بإتقان يشكر عليه!، ثم صعدوا بعد ذلك إلى النهائي بفضل القناعة الشديدة للأبيض الإماراتي (الرديف) الذي أفسح لهم الطريق بمنتهى اللطف، وفي النهائي لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، حيث عاد السيد بيسيرو لممارسة هوايته المفضلة: (التخبط في اللحظات الصعبة)!، فضرب الأزرق الكويتي ضربته الحاسمة في الوقت المناسب وأحرز لقبه الخليجي العاشر، ومبروك علينا المركز الثاني.
لذا أتوقع أن محرري صفحاتنا الرياضية الذين يعتمدون على السجع في مانشيتاتهم لن يفوتوا هذا المانشيت: (بالأساسي أو بالرديف .. الوصيف هو الوصيف)، فقد حافظ الأخضر الرديف على المركز ذاته الذي حققه الأخضر الأساسي في البطولة الماضية حين حل ثانيا بعد عمان، ومما يجدر ذكره أن الأخضر ليس وصيف الخليج فقط بل هو أيضا وصيف آسيا بعد أن خسر كأسه المفضلة لصالح العراق، وما نتمناه اليوم من السيد بيسيرو أن يثبت لنا أنه كان على حق حين أراح المجموعة الأساسية وفضل عدم مشاركتها في بطولة الخليج، وهذا أمر لا يتحقق إلا من خلال حصول الأخضر على اللقب الآسيوي، صحيح أن نسبة كبيرة من عشاق الأخضر لا تثق ببيسيرو، ولكن ما البيد حيلة، فالوقت ضيق ونحن تعبنا من (شيل وحط) المدربين، وليس أمامنا سوى أن نعول على قدرة نجوم الأخضر في استرجاع الكأس الآسيوية التي غابت 14 عاما عن خزائن الأخضر.
أما عن بقية الفرق في خليجي 20 فقد استحق الأزرق الكويتي الكأس عن جدارة بعد أن قدم عروضا هي الأفضل في البطولة ونجح لاعبوه غير المحترفين في صناعة فريق محترف.. وهذا هو المهم، كما أثبت المنتخب العراقي أن باستطاعته الدفاع عن لقبه الآسيوي بعد عودة الروح لأسود الرافدين في هذه البطولة، بينما بدت الإمارات وكأنها حصلت على أكثر مما كانت تتوقعه، أما قطر فقد خرجت من البطولة بخطأ دفاعي ثم عادت من بوابة فوزها بتنظيم مونديال 2022، بينما اختفى الأحمران العماني والبحريني مبكرا .. لا حس ولا خبر، فيما خيب المنتخب اليمني آمال جماهيره الرائعة التي كانت ملح البطولة وسكرها. وبشكل عام أبدع الأخوة اليمنيون في تنظيم هذه البطولة وانتصروا على الإرهاب وأثبتوا لجميع المتشائمين ــ وكنت واحدا منهم ــ أن اليمن بعون الله ثم بعزيمة أهله الكرام وتكاتف أخوته الخليجيين من حوله قادر على تنظيم واحدة من أنجح دورات الخليج.


كتبه خلف الحربي