التميز خلال 24 ساعة | |||
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم | الموضوع النشط هذا اليوم | المشرف المميزلهذا اليوم | |
قريبا |
بقلم : |
قريبا |
|
||||||||||
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
أب بـ "قلب ميت" يترك أسرته في خيمة بالصحراء و يسطو على ضمان بناته
أب بـ "قلب ميت" يترك أسرته في خيمة بالصحراء و يسطو على ضمان بناته
ريم سليمان - سبق - جدة: جاءني صوتها عبر الهاتف حزيناً منكسراً، مليئاً بالشجن والدموع، وقبل أن أحاول جبر خاطرها وتهدئتها، قالت: باختصار نحن نعيش مأساة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، فالوالد شيخ عجوز، تركنا وتزوج بأخرى منذ ما يقرب من 12 عاماً، والأم مريضة لا تقوى على العمل، وهكذا نعيش من دون مأوى ولا مسكن. هكذا بدأت فتاة تحتفظ "سبق" باسمها الحقيقي، تروي لنا قصة معاناة تبدو متكررة، إلا أن وقعها مختلف بكل تأكيد، فتذكرت معنا لحظات هجران والدها لأمها، وتركه لهم في قريتهم التي كانوا يعيشون فيها بالقرب من مكة المكرمة وزواجه من امرأة أخرى. خيمة وحمام بلا سقف تقول الفتاة: لم أستطع إكمال تعليمي بعد المرحلة الابتدائية لعدم وجود مدارس متوسطة في "الديرة" وكنا نسكن في خيمة في الصحراء، وكان من الصعب على والدتي أن توفر لي مواصلات حتى ألتحق بالمرحلة المتوسطة، فقد كنا نعيش على الضمان الاجتماعي الذي أرسلت له أمي بياناً بحالتنا، بيد أن والدي رفض أن يضم أخواتي الاثنتين إلينا بالرغم من أنهما تعيشان معنا لزيادة الضمان الاجتماعي له ولأسرته. وحاولت أن أطلب من والدي الشيخ الكبير الذي يعيش هو أيضاً على راتب الضمان أن يترك لنا ضمان أخواتي البنات لكنه رفض تماماً، وقال إذا رفعت دعوى فسوف أضمك للعيش معي، فشعرت بخوف شديد من ذلك، فأمي لا تستطيع العيش بدوني، واستسلمت لهذا الواقع المر، وظل الضمان يمدنا براتب شهري قيمته 1100، لا تكفي حتى لعلاج والدتي المريضة التي تعاني من مرض نفسي وتراجع المستشفى النفسي بانتظام. موت الحلم وبعد لحظات من الصمت المطبق انفجرت الفتاة في البكاء داعية المولى عزَّ وجل أن يزيح عنها الغمة التي تعيش فيها، ومن جانبي حاولت أن أجعلها تستعيد توازنها وتستكمل حديثها، وبالفعل علمت منها أنه كان لها أخ شاب يافع كان بمثابة الحلم لإنقاذ هذه الأسرة من الضياع، ولكن سرعان ما لقي مصرعه في حادث، وبعدها مرضت والدتها وتراكمت الديون عليها. وتضيف : بعد ذلك لم تكن هنالك خيارات، كتبت على نفسي دين لقطعة أرض في الصحراء بنا لنا فيها شخص "غرفتان وحمام دون سقف ولا كهرباء" أملاً منا أن تدخلها الكهرباء في القريب، وأصبحت أرسل لهذا الشخص بطاقة الضمان الاجتماعي، على أن يأخذ المبلغ كاملاً لمدة ستة أشهر، أما نحن فكنا نعيش خلال هذه الفترة على "الحسنات الخارجية"، بيد أن الحياة لم تسير كما تمنينا، فالكهرباء لم تدخل وأمي مرضت مرضاً شديداً، ولا يوجد أي مستشفى بالقرب منا ولا حتى مواصلات، فقررنا ترك هذا البيت والذهاب للعيش عند أقارب والدتي في مدينة الرياض، ومازلنا حتى الآن نعيش معهم، وظل الرجل يطاردنا بمبلغ الدين، وأقسمت له أنني سوف أعمل وأرده شيئاً فشيئاً، إلا أنه رفض وظل يأخذ الضمان كاملاً إلى أن انقطع الضمان بسبب مرض الوالدة، وعدم قدرتها على الحركة والذهاب لتجديد صك الضمان. مرارة الأيام بألم شديد وانكسار تقول محدثتنا: لا أدري ما الذي ارتكبته من ذنوب حتى أتجرع مرارة الأيام هكذا".. بدأت أبحث عن عمل حتى لا أخرج أخواتي من المدرسة ويصبح حالهم مثلي، واشتغلت في مشاغل كعاملة براتب لا يتجاوز الألف ريال، نصفه يضيع في المواصلات، فأمي تخاف علينا جداً، وكانت تأتي معي دائماً إلى العمل وحالتها الصحية لا تسمح بذلك، ولم أستمر في العمل، وبدأت أمي في الدين من أقارب لها، حتى نستطيع العيش، والضمان كل فترة ينقطع ويحتاج إلى تجديد يأخذ شهوراً حتى يتم ذلك، بسبب مرض أمي المزمن وحالتها النفسية التي تتدهور يوماً بعد يوم. لم تنقطع علاقتنا بوالدنا، وكنا نسأل عليه دائماً، فهو شيخ كبير مسن وليس بيده شيء يقدمه لنا، إلا أنني دائماً ما أقف عاجزة أمام مرض أمي وعجز أبي عن الإنفاق علينا، والديون تتراكم علينا يوماً بعد يوم، وظل الحال هكذا بنا، أحياناً يصبح الشارع هو المأوى لنا، وأحياناً ينعم علينا أحد الأقارب بغرفة في منزله ولقمة من طعامه. حلمي متواضع وقبل أن تنهي حديثها، انهارت في البكاء وصرخت بكل حرقة: إلى متى سيظل هذا حالنا؟ وما الفرق بيننا وبين من يعيشون في مكان آمن مغلق عليهم؟، نحن لا نحلم بالكثير، فأحلامنا متواضعة وننام ونقوم على رعب من تقديم الديون التي على والدتي والبالغة نحو "26 ألف ريال" إلى المحكمة ومن ثم القبض عليها، كما أنني علي ديون إيجار المكان الذي لم نستطع العيش فيه. وتساءلت: ماذا سأفعل؟ ومن سيقف بجانب الوالدة بعدي؟ ومن سيخدمها ويلبي طلباتها؟ ومن سيقف إلى جوار أخواتي اللاتي يحلمن باستكمال تعليمهن حتى يعشن في غد أفضل مما عشنا فيه جميعاً؟ أسئلة مفزعة كثيرة تدور في ذهني، لكنها للأسف بلا إجابات؟. وفي الختام قالت: نحن لا نبحث عن الكثير، وليس لنا أي طموحات إلا أن نجد مكاناً يأوينا، وأن تسدد ديوننا التي تزداد علينا يوماً بعد يوم، وعمل شريف لي نعيش به حياة متوسطة. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|