عرض مشاركة واحدة
قديم Jul-Mon-2007   #2
روح المنتدى


الصورة الرمزية الـفـســــقـان
الـفـســــقـان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  Apr 2007
 أخر زيارة : Jan-Sat-2008 (12:57 AM)
 المشاركات : 21 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي عائشه رضي الله عنها2



-------------------
إن سوء الظن آفة كبيرة تنخر في المجتمعات والأسر والصداقات، ولعل المرء إذا اتخذ إجراء سلبيا تجاه آخر، من قطيعة أو نحوها، وكان الآخر يستحق ذلك، فذلك لا يؤسف عليه، لكن المشكلة فيما إذا كان بريئا، هنا تقع الفواجع والمصائب على أناس أبرياء، فليس من السهل أن يتهم الإنسان بما ليس فيه..
ونحن في كلامنا هذا نحاول علاج هذه الآفة الخطيرة، من خلال التأكيد على أهمية حسن الظن، وتقديمه على سوء الظن، والإنسان تمر به مواقف لا يرى فيها إلا وجها واحدا، يرى إنسانا في أمر ما فلا يراه إلا مسيئا عاصيا، فربما تكلم فيه ونشر خبره، ثم إذا اتضح الأمر وبانت الحقائق ظهر له أنه كان مخطئا، وهذا هو الذي لا يريده الله تعالى منا، لذا الواجب التحرز التام ..
- لا تحكم إلا بعد أن تتيقن، أي يصل بك اليقين إلى درجة أنك تقدر على الحلف على ما ظننت..
هذا الإجراء خطوة في كف الناس عن سوء الظن..
- وهناك إجراء آخر، وهو التأمل في حقيقة البشر، من حيث الذهول والضعف والنسيان ..
فإذا تأمل المرء في حقيقة البشر، وجد نفسه مرغما على التماس العذر لهم، وعدم مؤاخذتهم بما يصدر منهم من أمور يمكن حملها على الوجه الحسن، ولو باحتمال ضعيف..
- وهناك إجراء ثالث، وهو الأخوة، فإن أخوة الإيمان تحمل لزوما على تقديم حسن الظن بالمؤمن، فالمؤمن في أصل الأمر لا يريد شرا، والتعامل معه وحمل ما يصدر منه على هذا الأصل يوجب حسن الظن والبعد عن سوء الظن ..
- وهناك إجراء رابع لاتقاء سوء الظن، وهو البعد عن الشبهات ..
كما أنه يجب على المسلم إحسان الظن بإخوانه، كذلك يجب عليه البعد عن الشبهات، فيجب على المسلم ألا يوقع نفسه في شبهة قصدا وعمدا، بدعوى أنه لا يبالي بالناس، فمن لا يستحي من الناس لا يستحي من الله ..
فيجب أن يتحرز من الوقوع في الشبهات، فإن وقوعه فيها يفتح للشيطان طريقا عليه وعلى إخوانه، عليه بتشويه سمعته صورته، وعلى إخوانه ببث وساوسه فيهم، وإيقاعهم في الإثم بسوء الظن ..
فإن وقع في شبهة ما لسبب ما، فعليه أن يبادر إلى التوضيح وتجلية حقيقة الأمر لكل من رأى تلبسه بالشبهة كي يدفع عن عرضه، ويرحم إخوانه من إساءة الظن وتألم المشفق..
جاءت صفية رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو معتكف، ثم قام يقلبها إلى بيتها فمر بهما رجلان فأسرعا، فقال عليه الصلاة والسلام:
(على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي)..
فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، وكبر عليهما..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا) ..
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين كيف أن على المسلم أن يدفع عن نفسه الشبهة..
فالإنسان قد يقع في الشبهة من طريقين:
الأول: أن يكون الأمر ليس فيه شبهة أصلا، لكن الناس قد ينظرون إليه على أنه شبهة، كما في قصة صفية رضي الله عنها، فمن المستحسن البيان والتوضيح إذا شعر بريبة الحاضرين.
الثاني: أن يكون شبهة في نفس الأمر، كمن رؤي يكلم امرأة أجنبية، ربما كانت تسأل عن الطريق أو غير ذلك، فمثل هذا لازم عليه أن يبين ـ لمن شك فيه ـ حقيقة القضية، ولا يتركه بشكه ..
عن الضحاك بن ثابت: نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال
( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد )؟ ..
قال: لا ..
قال: ( فهل كان فيها عيد من أعيادهم )؟ .
قال: لا :
قال: ( أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ) ..
هذا الحديث مخرج على أنه قطع لدابر الشرك والذريعة إليه، لكن له أيضا وجه آخر..
وهو أن الإنسان إذا قدم عبادة لله عند قبر أو مكان كان يعبد فيه غير الله تعالى، عرض نفسه للتهمة، فالناظر إليه قد يظن أنه يقدم عبادته للقبر أو الوثن، فيسيء الظن به، فربما كان جاهلا فاستحل دمه قبل أن يستوثق، بدعوى أنه كفر بفعله، والكافر حلال الدم، ولا أقل من أن يرميه في دينه بالشرك، ولذا كان من الواجب الانتهاء عن العبادة في هذا المكان قطعا لدابر الشرك، وحفظا للعرض من التهمة بالشرك ..
وفي كل الأمور الأولى بالمسلم أن ينأى عن الشبهات وكل ما يشين ويعرض العرض للذم والتشوية، فإن بعض ذوي النفوس المريضة يعجبهم البحث عن الزلات وتضخيمها وأن يضيفوا إليها ما ليس منها، وهذا الصنف لا يمكن أن يخلو المجتمع منه، وحتى نتقي شر هؤلاء المغرضين فحتم أن يسعى المرء في الابتعاد عن كل شبهة قد تضره في دينه ودنياه..
فالابتعاد عن الشبهة يحقق فائدتين:
الأولى: سلامة العرض من الذم..
الثانية: عدم تحميل الناس مشقة البحث عن الأعذار لهذا الواقع في الشبهة، وقد علم أن أكثرهم يتضجرون من ذلك، ولذلك تراهم يسيئون الظن ابتداء، لأن إساءة الظن ليس فيها تكلف ولا مشقة، كما في إحسان الظن والتماس المعاذير..
ولذا كان الملتمس للمعاذير مؤمنا، أي مثابا على ذلك، لأنه يحزنه ولا يرضيه الطعن في أخيه، فيجهد نفسه وعقله ولسانه بالدفاع عنه، بينما الطالب للزلات منافق، لا ثواب له، لأنه لا يدفع عن عرض المؤمن، بل يتشفى ويشمت ويفرح بزلات المؤمنين، وتلك ليست من صفات المؤمنين ..
.......................
والسلام عليكم..


 

رد مع اقتباس