الماضي و الحاضــــر :


وجدت في أحد مدافن قدماء المصريين كتابة باللغة الهيروغليفية تعود الكتابة إلى حوالي أربعة آلاف عام وبعد فك رموزها تبين أن الكاتب كهل يشكو من تصرفات الجيل الجديد، ومن عدم احترام الوالدين وتقبل نصحهم ومن تقدير الناس وتبدل القيم والمثل ومن فقدان العيش السهل ـ انتهى الخبرـ
والتعليق على ذلك أنه منذ آلاف السنين وحتى وقتنا الحاضر ما زال الحديث ذا شجون عن مشاكل الجيل الجيد وتغير الناس وطباعهم وصعوبة العيش وما زال كبار السن أو حتى متوسطوا السن يتحسرون على الماضي ويشيدون به، ويندبون الحاضر ويمقتون أهله ويذكرون فيهم الكثير من العيوب قياسا بالأيام الماضية التي يرون أن أهلها أصلح شأنا وأحسن حالا إن الشكوى من الجيل الجديد من الشباب قديمة قدم الإنسان نفسه وما زالت قائمة وأعتقد أنها لن تنتهي، لكن هل بالضرورة أن تكون هناك قواسم مشتركة في مشاكل الشباب في كل زمان ومكان وإن وجدت كم أتمنى أن نقف على دراسة مقارنة توضح الأسباب والعلاج، طمعا في تقريب وجهات النظر بين الشباب وكبار السن لتقليل الأخطاء أو تلافيها ولوضع تصور للشباب القادمين لمعرفة آلية التعامل مع عصرهم ليكون الائتلاف بدل الاختلاف ـ إنها دعوة وتشجيع لهم بصفتهم الأمل وعليهم يؤمل الانجاز والإنتاج لأن لهم التأثير في المجتمع وإليهم يعود الفضل في سد كثير من الثغرات .
لكن السؤال القائم هل كبار السن دائماً على حق وهل نظرتهم للأمور بواقع الحاضر وعموماً الشكوى ليست عامة من فئات قد يغيب عنهم أن لكل وقت إمكانيات ووضعاً قائماً وأن ما يصلح في زمان قد لا يصلح لآخر لكن القاعدة أن الثوابت والقيم التي مبعثها عقيدتنا الإسلامية السمحة باقية في كل زمان ومكان ولن يحاد عنها وهذا أمر لا يمارى فيه إطلاقا.


كتبه : عبد الرحمن المزيني