على شارعين
 

على شارعين
الاعتزال قبل العزل
خلف الحربي
الزميل الكاتب محمد السحيمي أعلن اعتزاله الكتابة في مقال نشرته صحيفة المدينة، بعد أن ضاق ذرعا بالقيود الرقابية، ومع احترامي لخياراته (البوعزيزية)، إلا أنني أناشده باسم جماهير الأمة العربية أن يتراجع عن حرق نفسه كتابيا، أما إذا كان مصرا على التنحي فأنصحه بتوريث أحد أبنائه كي لا تغيب (سحيمياته) عن صحافتنا، أو على الأقل يؤسس موقعا إلكترونيا للكتاب المعتزلين والمعزولين يسميه (حوش الحرية)، كي لا يكون هناك سقف يمنع الآراء الحرة من التحليق في الفضاء.
**
(الكرنتينا) من أشهر أحياء جدة، وقد أخذت هذا الاسم من محطة العزل الصحي، واليوم تكاد جدة تتحول إلى (كرنتينا) كبيرة، بسبب خطر البعوض الذي أصبح يهدد حياة الناس في جدة، حيث يتكاثر في المستنقعات، ومن أخطر أنواعه بعوضة (الزاعجة المصرية) التي طاب لها المقام في عروس البحر الأحمر، وسيأتي اليوم الذي يقول فيه البعوض لأهل جدة: (مش ح نمشي أنتوا اللي تمشوا)!.
**
آخر القرارات القراقوشية في جدة تغريم كل من يغسل سيارته في الشارع مائة وخمسين ريالا (يمكن الجماعة ما يحبون يشوفون قطرة مويه في الشارع)، تخيلوا المدينة بأكملها غرقت، ويأتي من يخالفك على قطرة ماء!، من ساهر إلى شركة المياه إلى شركة الكهرباء إلى مواقف المطار.. غرامات.. غرامات.. غرامات، حتى يعتزل المواطن الحياة، ولن يكون غريبا حينها لو سدد ورثته رسوم الاعتزال!.
**
أناشد المسؤولين عزل أعضاء لجان حصر الأضرار في كارثة جدة الثانية، لأنهم جعلوا الناس يتزاحمون وقوفا في الشارع دون تنظيم أو أرقام، وكأنهم يتسولون التعويض الذي أقرته الدولة.
**
إذا أوقفت سيارتك بطريقة غير نظامية في شارع الصحافة في جدة، فإن (بني ساهر) سيكونون لك بالمرصاد، ولكن تأملوا عدد الإدارات والجهات في هذا الشارع الذي لا يحتوي مواقف عامة: (مستشفى الولادة، بلدية العزيزية، نادي الاتحاد، إدارة الدفاع المدني، إدارة التحقيقات في شرطة مكة، إدارة مكافحة المخدرات، صحيفة المدينة، اتصالات منطقة مكة، مدارس خاصة، مراكز صحية خاصة ومطاعم وبناشر وبقالات وشركات... إلخ).. لذلك، أظن بأن حبيبنا السحيمي لم يجد موقفا لسيارته، فقرر أن يسجل موقفا بقلمه!.
**
الأخ سالم بن سليم السرواني المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أرسل لي مشكورا رسالة مدعمة بالصور، حول جهود رجال الهيئة في مساعدة المنكوبين في كارثة جدة، وهي جهود تستحق التقدير لأنها توسع مفهوم (الأمر بالمعروف)، ولا تعزله في إطار ضيق.