تعريف بقبيلة حرب
نقلت لكم هذا المكتوب
قبيلة حرب قبيلة خولانية قحطانية يمنية استقرت في منطقة ما بين الحرمين الشريفين في آخر القرن الثاني وأول الثالث الهجريين واستطاعت أن توجد لها كيانا عشائريا قويا ابتداء من القرن الرابع، كما سنوضح بشيء من التفصيل في هذا الفصل. وقد وَهَمَ بعض النسابين فجعل حربا عدنانية الأصل، لكننا إذا استعرضنا أقوال النسابين المتقدمين حول هذا الموضوع استعراض من يريد الوصول إلى الرأي الأرجح والأقرب للصواب، لا مَن يريد أن يؤيد وجهة نظره وما يوافق هواه، لوجدنا أن ما أورده نسابة الجزيرة ولسان اليمن الحسن بن أحمد الهمداني ومعاصروه هو الأقرب للصحة، وأن ما ذهب إليه من قال بعدنانية حرب لا يستند على أدلة مقنعة ولا يقوم على براهين قوية، وإنما هو التباس بسبب الموقع الجغرافي وخطأ وقع فيه ابن حزم فنقله بعض من جاء بعده! فالملاحظ أن أصحاب القول الأول الذين يقولون بقحطانية حرب هم نسـَّابو الجزيرة العربية ومؤرخوهـا، وخاصة من أبناء الجزيرة القريبين من قحطان والعارفين بأنسابها وأخبارها، في حين نرى أن أصحاب القول الثاني غالبا من غير أهل الجزيرة العربية، من النسابين والمؤرخين البعيدين نسباً أو بلداً عن تلك القبائل. كما أن من قال بعدنانية حرب سواءً من المتأخرين أو المتقدمين، ليس إلا ناقلاً عن ابن حزم أو عمَّن نقل عنه، فهو ليس إلاّ واهما وقع في وَهْم من سبقوه. وللأستاذ سمير القطب رأي جميل حول هذه الحقيقة، حيث يقول: (وَهَمَ كثير من المؤلفين في أنساب العرب حينما نسبوا قبيلة حرب إلى العدنانية ومنشأ هذا الوهم: 1- أنهم رأوا هـذه القبيلـة تقطـن مواطن العدنانية القديمة وهي أقـوى من يقطن بين مكة والمدينة. 2- أنهم رأوا أن بعض القبائل العدنانية قد انضمت إليها ودخلت فيها مثل مزينة. 3- أن كثيراً من المؤلفين عن الأنساب يكتبون وهم بعيدون عن مواطن القبيلة. والصحيح أن حرباً يرجعون إلى خولان من قحطان). انتهى ما اخترناه من كلامه(1). ومِن آخر الباحثين المعاصرين الذين وقعوا في هذا الخطأ الشيخ البَحَّاثة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري الذي ذهب إلى الاعتراض على القول بقحطانية حرب معتمدا على عدم إشارة بعض مشاهير النسابة المتقدمين كابن الكلبي وابن شبَّة وابن الاعرابي وابن سعد ونحوهم لما ذكره الهمداني، ومفنداً أقوال الهمداني ومشككاً بأمانته العلمية ومتهماً إياه بالكذب والتلفيق(2)! وأقول ليس من النسابة من عارض كلام الهمداني أو أغفل نسب حرب إلا من كان سابقاً لوصولهم للحجاز أو بعيداً عن قبائل الجزيـرة جاهلاً بها لم يورد ما يشفع لرأيه، أو متأخراً لم يطَّلـع علـى مصادر الأنساب اليمنية والحجازية. وفيما يلي استعراض متسلسـل لطبقات النسابين ذوي العلاقة بهذا الموضوع لمعرفة آرائهم والعوامــل المؤثرة فيها: 1- ابن الكلبي المتوفى سنة 204هـ، حيث لم يذكرهم لأنه كوفي سابق لاستقرارهم وشهرتهم في الحجاز. 2- محمد بن زياد ابن الأعرابي المتوفى سنة 230هـ، فهو كوفي أيضاً متقدم على شهرتهم بالحجاز. ابن شبَّة المتوفى سنة 262هـ، فهو سابق لشهرتهم في الحجاز، كما أنه لم يكتب عن القبائل خارج المدينة عن كثب وتَقَصٍّ. 4- أحمد بن سهل البلخي المتوفى سنة 322هـ، صاحب كتاب صور الأقاليم، وكان مقيماً في ديار الجعفريين بين الحرمين الشريفين، وقد أورد خبر انتقال بني حرب من اليمن واستيلائهم على أمـلاك الجعفريين، والديار التي ذكرها ونقلها عنه الحموي هي عينها ديار حرب اليوم(1)! 5- أبو علي الهجري المتوفى في أوائل القـرن الرابع الهجري وعاصر الهمداني بل وأقام في الحجاز شطراً من حياته، ولم يخالف رأي الهمداني إنه ذكـر أنه اجتمع بأحد سـادات حرب وروى عنه وهو: المسلـم بن أحمد بن يزيد بن الخيار الحربي، وذكر عنه ما يؤيد رواية الهمداني. 6- الحسن بن أحمد الهمداني المتوفي سنة 340هـ أو بعدها بقليل، وهو ابن اليمن ونسابتها والمطلع على مواطن الجزيرة وقبائلها، فقد أثبت قحطانية حرب ورحيلهم من اليمن(1). 7- الكلاعي المتوفى سنة 404هـ وهو العالم والنسابة الحِمْيَرِي اليمني، وقد وافق الهمداني(2)، ولو كان الهمداني كذاباً وضاعاً لأشار إلى ذلك، إذ لا مصلحة له في السكوت على ذلك! 8- ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456هـ، الذي لا يعتبر قوله حجة في قبائل الجزيرة وخاصة اليمنية، لبعده عنها نسباً وبلداً، ولأن ما أورده عن حرب يدل على بعده عنها وجهله بها! وكيف لا وهو الذي لم يطأ أرض جزيرة العرب ولم يعرفها. 9- مفـرّح الربعي المؤرخ اليمنـي وهو من أهل القرن الخامس، وقد مـَـرَّ بديار حرب سنة 459هـ، وذكر ما يفيد أن حرباً ليسوا بني هلال(1) بخلاف ما زعمه ابن حزم. 10- نشوان اليمني الحميري، المتوفى سنة 573هـ، الخبير بأنساب القبائل اليمنية، ولم يعارض روايات الهمداني. 11- ابن سعيد الأندلسي المتوفى سنة 685هـ، وقد قال بعدنانية حرب نقلاً عن ابن حزم. 12- الحمداني المتوفى سنة 700هـ، الذي كان يعمل في دار ضيافة حاكم مصر، ولهذا فقد كان على صلة بمشايخ القبائل، ولم ينقل عن مشايخ حرب أنهم من بني هلال! 13- ابن خلدون المتوفى سنة 808هـ، الذي قال بعدنانية حرب في احدى رواياته الضعيفة نقلاً عن ابن حزم، إلاّ أنه رجع عن ذلك الرأي وأثبت قحطانية حرب الحجاز ونزوحهم من اليمن(2). 14- أحمد بن علي الْقلَقْشَنْدي المصري المتوفى سنة 821هـ، وهو ناقل عن ابن سعيد الأندلسي المتوفى سنة 685هـ، وابن سعيد المذكور ناقل عن ابن حزم المتوفى سنة 456هـ، كما أسلفنا. 15- النسابة محمد كاظم أبو الفتوح اليماني الموسوي من أعلام القرن التاسع الهجري، وقد نص على أن بني حرب من عمائر سعد بن خولان، وذكر منهم العبدليون وبنو عوف، وقال: وهم غير عوف خزاعة(1). 16- السويدي البغدادي المتوفى سنة 1246هـ، وهو ناقل عن القلقشندي الناقل عن ابن سعيد الناقل عن ابن حزم. ونكتفي بهؤلاء النسابين لأن من جاء بَعدهم إنما هو ناقل عن أولئك المتقدمين(2)، فمن نقل عن نَسَّابي اليمن فإنه يَعُدُّ حرباً يمنية وهو الصحيح، ومن نقل عن علماء الأندلس ومصر والعراق كابن حزم وابن سعيد والحمداني والقلقشندي والسويدي فقد نقل الرواية الخاطئة! وخلاصة ما ذكره الهمداني أن حرباً هم أبناء حرب بن سعد بن سعد بن خولان(3) قبيلة يمنية قحطانية هاجرت من اليمن في حدود سنة 131هجرية إثر حروب طاحنة بين بني حرب وأبناء عَمّهم الربيعة بن سعد، فضَعـَنُوا إلى الحجاز وزاحموا القبائل العدنانية الموجودة هناك وخاصة عَنـزَة ومزينة وبني سُلَيم وغيرهم حتى أوجدوا لهم مَوْطِيءَ قدم، وكان شيخهم في أول القرن الرابع الهجري محمود بن علي بن عمرو، وكانوا يـنـزلون في نواحي جبل قدس ورَضوَى ويَنبُع(1). وللأسف فإن كثيراً ممن تناولوا موضوع نزول حـرب بين الحرمين يسيئون فهم نص الهمداني، فيقولـون إن حرباً وصلت الحجاز سنة 131هـ، والصحيح أن الهمداني لم يقل بهذا، وإنما ذكر أنهم نزحـوا من اليمن إثر حروب نشبت بينهم في اليمن سنـة 131هـ، والمعروف أن القبائل لا تركب القطار أو الطائرة في نزوحها من منطقة إلى منطقة، وإنـما يتم ذلك على فترات طويلة يتخللـها رحيل ونزول وإقامة وظعن، ومفاوضات ومعاهدات ومصادمات مع القبائل الواقعة على طريق الرحلة، ولا شك أن ذلك يستغرق زمنا طويلا قبل أن تستقر القبيلة في المواقع الجديدة وتتمكن من النـزول بها. إِذَا قيل مَنْ حَرْبٌ ؟ فَأُنْبِيْك عن حَـرْبِ عنِ الجود والأمجادِ في السِّلْمِ والحَرْبِ ويُخْبِـرُكَ التاريـخُ عِلْـمـاً مـؤكـداً عنِ البأس والمعروفِ والطَّعْنِ والضَّرْبِ بِأَنَّا بَنُو حَـرْبِ بْـنِ سَعْـدٍ، وَ جَدُّنـا ذُرَى المَجْدِ قَحْطانٌ، هو الأصلُ لِلْعُـرْبِ فَذَاكَ الـذي لـم يَلْبَـسِ التَّـاج قَبْلَـهُ مَلِيْكٌ لأجْلِ المُلْكِ، في الشَّرْقِ والغَـرْبِ أَقَمْنَـا جنوبـاً فـي الجزيـرة أَدْهُـراً على العِزِّ والتَّمكينِ في البُعْدِ والقُـرْبِ ومِـنْ ذاكَ يَمَّمْنـا الحِجـاز بِطَوعِنـا لنختارَ مِن أرضِ الوَرَى أَطْهَرَ التُّـرْبِ وَمِنْ نَسْلِ عدنـانِ اعْتَصَبْنـا بِعُصْبَـةٍ ـمُزينةَ ـنِعمَ الحيِّ بالموقـف الكَـرْبِ على الخُلُقِ الأسمَـى تَشُـب لحومُنـا ومَشْرَبنا مـن مَنْهَـلٍ طَيِّـبِ الشُّـرْبِ على دَرْبِ أَهْلِ الفضل سارت جدودُنـا وأحفادُنا لِلْفَضْلِ تَمْشِي علـى الـدربِ تـرومُ ذرَى العَلْيـاءِ دَومـاً نفوسُنـا كما رامَ أعلى جَوِّهـا سابِـحُ السِّـربِ |
الساعة الآن 02:14 AM. |
IPTEGY.COM® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Powered By iptegy.com.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010