عرض مشاركة واحدة
قديم Feb-Thu-2011   #7
مصمم


الصورة الرمزية مبارك
مبارك غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6
 تاريخ التسجيل :  Apr 2010
 أخر زيارة : May-Sat-2015 (03:46 PM)
 المشاركات : 0 [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم

(مروي وليس معطش ) مثل طبق على كرم معطش بن زايد المعمري


يحكى إن في سنة من سنوات الجفاف والجوع التي مرت بها شبه الجزيرة العربية قبل توحيدها على يد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه .

نزل في ضيافة معطش أهل ( مركوبة ) من قبيلة قحطان , والمركوبة تعني عدد من الهجن الذين يمتطونها عددا من الرجال في السفر أو الغزو ويقال لها مركوبة كاسم جمع .

غير ان الراوي لم يحصر لي عددهم وإنما قال أكثر من عشرة رجال وكانت سنتهم سنة قحط وجدب قل فيها الطعام وغليت الأسعار وقليل جدا من يفرح بالضيف لقلة مايقدم له .

وكان مثل مايكون على الناس كان على معطش حيث كان لم يجد في بيته حبة الطعام التي يقدمها لهم إلا اللحم وشيء من الحليب الذي يخفيه عن أطفاله ويقدمه لضيوفه حتى يرحلوا من ضيافته شاكرين .

وعندما أقبل ركبهم على البيوت قال أكبرهم دعونا نسأل أحد الرعاة عن أحوال العرب الذين أمامنا قبل أن نصل إليهم حتى نعرف منهو صاحب البيت الذي نجد قرانا في هذه الليلة لحيث إنه كما تعلمون إن المسلمين في هذه السنة قد ابتلاهم الجفاف والفقر ونحن لانريد أن نبتلي لنا مسلم في عشا عوالة وربما لايجد غيره فاتفقوا على ذلك وسألوا أحد الرعاة قبل أن يصلوا البيوت .

ومن ضمن أسئلتهم للراعي قولهم : مما يكونون أهلك ياولد ؟ قال يكونون من المسلمين , قالوا : وماذا يكون أصلهم ؟ قال : حروب , قالوا نحن ضيوف ونسألك عمن يستطيع ضيافتنا من عربكم هذه الليلة ؟

قال : أبي وانتم ضيوف عندي , قالوا : وأين بيتكم , فأشار لهم على بيت كان يتوسط البيوت وأشار له إلى علامة فيه عرفوها لو أرادوا الذهاب إليه .

ثم سألوا عن بيت كان هو أدنى البيوت وأقربها لهم وقال لهم : هذا بيت معطش بن زايد المعمري فهز رأسه أكبرهم وقال معطش عطش زايد . ومضوا في اتجاه البيوت .

ثم التفت إلى رفاقه وقال إنني أكره اسم معطش ومجوع من الناس إذا كنت مسافر وهذا اسمه يبشر بالعطش الزايد , قالوا رفاقه : ياطويل العمر مافك ابله منا يوم غزينا على أهل الرملة إلا شارد بن عجيم المري .
فالكرم ماهو في زين الأسماء , والذي دلنا عليه أعرف منا فيه ونحن نستحي من الله ومن خلقه يوم نتعدى البيت الموالي على الأقصى فأناخوا عنده واستقبلهم استقبال كريم ورحب بهم .

وفي المساء ذبح لهم ذبيحتين أحدهما للضيوف والأخرى لجيرانه .

وقبل أن يرتحلوا الضيوف قال أحدهم بلهجة قحطان المعروفة ( ياويل امك ياناة يانعنا بيكم ليه تسمونه معطش هذا مروي ماهو معطش )

وقد شدوا رحالهم ومضوا في سبيلهم شاكرين مقدرين له كرم ضيافته لهم .

وكان كريم سخي في كرمه لايذبح إلا سمين ولايسأل إلا عن السمين وكان رحمه الله إذا ذبح الذبيحه يقول هل هي سمين ولم يسأل عن كبرها وإنما يسأل عن شحمها لصعوبة الكرم والبذل في تلك الفترة .

وكان من الجاري في عادات البادية إنهم إذا تعشوا الضيوف مسحوا أيديهم في شفة البيت الشعر لعدم وجود الماء الكافي للغسيل , فتتجمع الدهون وبقايا الشحم على أطراف البيت بشكل واضح مع كثرة المسح واستمرار الذبائح , ومتى مرت الأيام وجاء فصل الصيف واشتدت الحرارة ذابت على شفة البيت بين خيوط الشعر وبدأت تنزل على شكل قطرات من البيت على الأرض .


قال جويعد بن عواض الحربي كنت نائم في شق بيت معطش القايلة وظهري إلى الأرض ووجهي إلى أعلى فوقعت على وجهي نقطة فنظرت إلى أعلى أبحث عن مصدرها فشاهدت أكثر من خمس نقط قد برزت من شفة البيت مثل حب اللؤلؤ فأخذت نفسي إلى جهة من جهات الرفة ونمت .

وقال عايض بن خريص الربيقي وقفت وانا وهلال بن حسين نتحرى رؤية الهلال ونحن المغرب في رمضان وكان علي ثوب أبيض فمسكت العمود الأمامي للبيت وبسطت ذراعي على شفة البيت وفي اللحظة أحسست إنني قد وضعتها على رطوبه فرفعت يدي إلا وكأن أكمام ثوبي وضعت في ( عكة ) سمن .


وكان رحمه الله حريصا على سمعته سباقا دائما إلى فعل الخير ومرت به سنة قحط قل بها الطعام وغليت فيها الأسعار وكان يقريء ضيوفه بلحم الغنم , وقد خشي أن يقال فيه مما يكره أن يقال بسبب هذه الظروف الضنكة فقال :

يـاالله ياللـي فـي عـبـادك رحـومـي =ارحم من المرضـع لطفـل تراجيـه
اجعل لنا ستـر عـن اهـل العلومـي=ستـر علينـا عــن عـبـادك تضفـيـه
الضيـف لــه حــق عليـنـا لـزومـي=حـــق عـلـيـنـا واجــبــه مانـخـلـيـه
إلى حـل نذبـح مـن الضـان كومـي=ومع ما عطانا الله من الزاد نقريه
وإن عاضبت محد يجيـب معدومـي=نـقـدم الميـسـور والـعـذر قـافـيـه .



المصدر : قضايا وقضاة وشيم من البادية - بتصرف
تأليف : نايف بن زابن المعمري


 

رد مع اقتباس