عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-Tue-2015   #2
مؤسس المنتدى( 0504464282)


الصورة الرمزية فهد محمد بن ناحل
فهد محمد بن ناحل متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Mar 2007
 أخر زيارة : منذ 6 يوم (09:49 AM)
 المشاركات : 22,876 [ + ]
 التقييم :  9080
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أشك أننا نتعافى من أمراضنا ( الدكتور مرزوق بن تنباك)



أشك أننا نتعافى من أمراضنا


24 محرم 1436 - 18 نوفمبر 2014


المرض ليس فقط ما يصيب الجسد ويذهب به أو يتعافى منه بل الأمراض كثيرة تعتري الناس في معارفهم وفي قيمهم وفي أخلاقهم وفي معاملاتهم فيما بينهم وفي أماناتهم وفي علاقاتهم الخاصة والعامة وفي مذاهبهم ومناحي حياتهم وكل مرض من هذه الأمراض الذي تصاب به الأمم يحدث له مواصفات وحالات ومستويات أشدها وأخطرها الأمراض السارية والأوبئة القاتلة التي تنتشر على مساحة واسعة من امتداد الوطن في هذا الوقت.
ولا شك أن أخطر وباء نواجهه اليوم هو وباء البغضاء والكراهية ليس بين الأفراد فهذا شأن خاص لا يخلو منه مجتمع مهما كان لونه أو جنسه ولا شكل مذهبه أو دينه، لكن الوباء الذي نعيشه هو وباء الطائفية التي تكون فيها البغضاء والعداوة عامة وشاملة وما يترتب عليها من قطيعة تعود أسبابها إلى موروثات اجتماعية لا يكون للناس فيها يد ولا خيار، يولدون وهم يحملون هذه الأفكار والمعتقدات يورثها الأب لأبنائه دون أن يكون له خيار فيما ورث ولا خيار فيما يجب أن يفعل.
لا شك أن الطائفية بلاء ووباء يفتك بسلامة المجتمع وينال من صحته وعافيته ويقوده إلى أرذل الأعمال وأقساها ولا يستطيع التخلص منه إلا من رحم ربك وهم قليل، وهذا المرض وإن كان قديما في الموروثات الفكرية وفي تاريخ الإنسان إلا أنه كان في القديم شأنا خاصا بين فئة قليلة من المجتمع هم في الغالب أهل الاختصاص وأهل الرأي ومن يتعلق في أمور الدين بسبب وتصبح الخصومة الطائفية في محيط أهل الجدل المذهبي أو الديني، أما العامة من الناس فقد كان الأمر لا يهمهم كثيرا وإن اتبعوا هذا المذهب أو ذاك.
أما الجديد في مرض الطائفية وما تسببه من مصائب ونكبات وما تقود إليه من تشتت وافتراق في الوقت الحاضر فهو تعميمها ووضعها شأنا عاما يهتم به ويتحدث عنه عامة الناس قبل خاصتهم، ويحدثك عنه ويفتيك فيه من لا يعرف مبادئ مذهبه الذي يؤمن به فضلا عن الحكم على مذاهب الآخرين والآراء.
أشعل الطائفية بين الناس وشب وقودها قوم ملئت نفوسهم حقدا أعمى وعداوة وبغضاء ورغبات حمقاء تدفع المساكين وضعفاء العقل والدين إلى هذا المنحدر العميق من التناحر لغرض لا يخدم غير مصالح شخصية ضيقة مجرمة محرمة أو أغراض سياسية حملت جرثومة المرض القاتل واستطاعت نشرها في الهواء الذي يستنشقه الناس ويتنفسونه ويشربونه مع الماء ويأكلونه مع الدواء والغذاء حتى صار الحديث عن المذاهب والفرق والحكم عليها وليس لها جدلا لا ينقطع بين أهل الرأي الواحد ضد خصومهم من أهل الآراء الأخرى، سكت صوت العقل وصوت العلم وصوت الحق، وغاب الرشد وانطلقت ألسن العامة والدهماء من الناس وتحدثت بالافتراء والكذب وسوء الأدب مع الله قبل الناس، وفقدت الأمانة واستغل الدين وساء الخلق، تحول الناس كل الناس إلى أصحاب طرق وعلماء مذاهب وحماة لرأي الفقيه الذي سمعوه ولم يعرفوه ولا يريدون أن يخالفوه.
الذين يغذون الطائفية فئة توظف أهواءها لأغراض لا تفصح عنها ولا تريد الوضوح فيما تغذي وفيما تدفع إليه، تهدف لوضع السموم القاتلة في لحمة المجتمع، أرجوكم ابتعدوا عن دعاة الطائفية أبعدهم الله وأبعد من يأخذ عنهم أو يسمع لهم ووقاكم الله مكرهم وشر ما يدور في نفوسهم.


 
 توقيع : فهد محمد بن ناحل



رد مع اقتباس