منتديات بني سالم ومسروح

منتديات بني سالم ومسروح (http://www.j44j.net/vb/index.php)
-   الدكتور مرزوق صنيتان بن تنباك (http://www.j44j.net/vb/forumdisplay.php?f=476)
-   -   الأمن الاجتماعي ( الدكتور مرزوق بن تنباك) (http://www.j44j.net/vb/showthread.php?t=16920)

فهد محمد بن ناحل Mar-Tue-2015 06:16 PM

الأمن الاجتماعي ( الدكتور مرزوق بن تنباك)
 
الأمن الاجتماعي


06 ربيع الثاني 1436 - 27 يناير2015


أهم ما ينشد الناس هو الأمن النفسي والاجتماعي، ولا تقوم الحياة ويستمر التطور وتطيب النفوس وتستقر الأوضاع ويرضى كل بما كتب له، إلا إذا تحقق شرط الأمن، ليس الأمن بمعناه الخاص وإن كان هذا أهم درجات الأمن، ولكن الأمن الذي يعيشه الناس أفرادا، وتعيشه الجماعات ويعيشه الوطن كله بالتوافق والتعايش مع المحيط الذي يكون فيه الإنسان، هذا هو الأمن المقصود في هذه الكلمة، وليس ذاك الأمن الذي تحققه الجهات الأمنية الرسمية التي تكون مسؤوليتها حفظ الأمن واستتبابه واستمرار العمل به بمعناه الرسمي، فهذا شيء مختلف، هناك مساحة واسعة للأمن المجتمعي، مساحة يجب أن تبقى وتستمر وتتسع دائرتها ليكون محيطها كل قضايا الحياة العامة والخاصة لا تستثني أحدا لموقف أو رأي رضيته أو اختلفت معه، ذلك هو الأمن الذي يفوق كل ما سلف وهو الأمن الذاتي، أو هو الأمن الذي يطمئن فيه الإنسان على نفسه مع الوسط الذي يعيش فيه عندما يشعر أنه آمن في نفسه وفي رأيه وفي تصرفاته وحريته الشخصية، وآمن أن يعبر عن مكنون ضميره، مرتاح لما يقول ويفعل دون أن يخاف التعنيف والتثريب والمنع والإقصاء على ما قال، أو على ما فعل، حين لا يتعارض كل ما فعل وقال مع حرية غيره، ولا ينتقص من قيمهم وأخلاقهم وما يؤمنون به أو يعتقدون.
وأهم من كل ذلك أمنه فيما بينه وبين ربه وضميره، حيث لا يفتش في خبايا النفوس ولا تمتحن النوايا ولا يتم ذلك إلا حين لا يجد من يعلمه الصلة القائمة بين العبد والمعبود، ترتفع عندئذ وصاية الناس عنه فيخلص عمله كما يريده ويجعله بينه وبين ربه، وبينه وبين الناس من حوله، حين يتعايش الناس بالمحبة ويتعايشون بالرضا والاطمئنان إلى بعضهم، ولا يقود أحد غيره لرأي يراه في أمر دينه أو دنياه، ولكن تستقل شخصيته ويمارس حريته ولا يلزم بوجهة نظر لا يريد العمل بها ولا بمذهب يتبعه أو يحمل عليه.
هناك حدود قائمة بين الحرية الفردية التي تضمنها وتحترمها وتحافظ عليها جميع الأديان وجميع القوانين الاجتماعية العادلة وحريات الآخرين بصفتهم أفرادا أو جماعات.
المجتمع الطبيعي تتعدد رؤاه وتختلف رغباته، ولا تتفق ميوله في كل شيء، ولكن يبقى مسالما محافظا على كينونته ووحدته وحسن التعامل بين أبنائه، يبقى متمتعا بحدود التعامل بين كل مكوناته الطبيعية، الحرية لا يمكن قياسها بمسطرة الأقوى، ولا الأرفع صوتا، ولا حتى ذاك الذي يعتقد أنه يأمر وينهى ويسمع له ويطاع، ولا يمكن التجاوز لها أو التحايل عليها ولا إهمالها بل لا بد من احترامها والمحافظة عليها، مثلما يكون للفرد حريته الخاصة التي لا يفرط فيها، يجب أن يحترم كل حرية لا تتعارض مع حرية المجتمع، ولا تعتدى على ثوابته بشكل من أشكال التعدي.
تعايش الناس منذ القدم بالسلام، وتعاملوا بالحسنى، وقبل بعضهم بعضا على ما بينهم من الفوارق التي لا بد أن تكون، ولذلك سارت حياتهم رخاء، وصلح حالهم واتسعت طرق التوافق بينهم، مع حتمية الخلاف والتعارض في حدود المشترك العام، وصدق الله العظيم القائل: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).


الساعة الآن 02:26 AM.

IPTEGY.COM® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Powered By iptegy.com.

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]